شوف البنت بتعمل ازاي؟!
مصر - سنة 1900 ميلادية
تقف "نحمده" لتطل من خلف المشربية.. تلمح "حسنين" فاردا عضلاته واقفا في قلب الحارة وهو يغمز لها بعينه، يحمر وجهها خجلا ثم تغلق المشربية بسرعة، و"حسنين" لسه زي ما هو.. فارد عضلاته وواقف في قلب الحارة مبسوط بنفسه!
في الناحية الأخرى من الحارة تقف الست "أم عبده" تلمح المشهد تمصمص شفاهها ثم تقول:
"ِشوف البت بتعمل ازاي؟! مش لاقيه حد يلمها.. حِكم!"
***
مصر- سنة 1950 ميلادية
تسير "سوسن" في الشارع متجهة نحو جامعة القاهرة، وهي تحتضن "الأكلسير" الذي يضم كتبها وكشكول المحاضرات، على البوابة تقابل زميلها "أمجد" يبتسم لها فتبادله الابتسامة.. يسألها عن أحوالها ترد بصوت خافت وتقول إنها "كويسة الحمد لله"، يدخلان معا إلى داخل الحرم..
ومن بعيد تلمحهما "فاتن" زميلتهما في نفس الدفعة والتي تميل على أذن صديقتها "ابتهال" وتقول لها وهي منزعجة:
"ِشوفي البت بتعمل ازاي؟! مش لاقيه حد يلمها.. حِكم!"
***
ألوان - مصر - سنة 2000 ميلادية
تجلس "داليا" في كافيه "الدودة الشقية"، يقترب منها "مادي" أو "ميشو" أو "نونو" -مش فارقة كلهم".... !"- يسلم عليها بطريقة كفك الأمريكية الشهيرة.. تضحك "داليا" في "لا مؤاخذة"...! وهو يقول لها "إيه يا بت..أخبار الواد اللي ماشية معاه إيه؟"، ثم ترد عليه قائلة "بس ماتقولش عليه واد!"..
يضحكان معا في "لا مؤاخذة" برضه، تجعل الجرسون الذي كان يعد الطلبات ليقدمها لهما يميل على أذن زميله وهو يقول له في قرف شديد:
ِ"شوف البت بتعمل ازاي؟! مش لاقيه حد يلمها.. حِكم!"
***
على طريقة مجلات الأطفال بتاعة زمان
تعال نلعب اللعبة الشهيرة بتاعة "أوجد الاختلافات والتشابهات بين المشاهد والصور السابقة"
وورينا كده كم اختلاف طلعته بين المشاهد الثلاثة الفائتة
في الثلاثة.. كان فيه ولد وبنت
في الثلاثة.. كان فيه تماس في العلاقة بين الولد والبنت
وفي الثلاثة.. كانت الجملة الشهيرة دايما موجودة
"شوف البت بتعمل ازاي؟! مش لاقيه حد يلمها.. حِكم!"
دي أوجه التشابه
تعرف إنت بقى تطلّع لنا أوجه الاختلاف؟!
المرة دي مش هنغششك الإجابة
طلعها إنت بقى لوحدك يا حلو..
وبعد ما تطلعها تعال نتناقش سوا فيما هو مرتبط بأوجه الاختلافات والتشابه
خلينا نتفق على نقطة..
إن أغلب النقد فيما يتعلق بمفهوم "التحرر" بيكون مرتبط –عادة- بالبنت..
يعني غالبا العين لما بتشوف غلط مشترك وقع فيه الولد والبنت..
العين بتلقط البنت ومش بتلقط الولد..
بتدين البنت ومش بتدين الولد..
أو على أفضل الأحوال تحمل البنت المسئولية والخطأ الأكبر..
مع إنه سيادتك.. نفس الخطأ والإثم
دي واحدة..
الواحدة التانية..
إنه مافيش تقريبا مقاييس محددة للحكم على فكرة "التحرر" و"الالتزام"
يعني زمان.. كانت البصة من المشربية معناها.. تحرر يستاهل المصمصة!
ومن خمسين سنة.. كان لما واحدة ترد السلام على زميلها في الجامعة.. تحرر يستاهل المصمصة!
ودلوقت.. المسخرة اللي بتحصل في بعض الكافيهات طبعا مالهاش وصف غير تحررررررررررر وحاجات تانية كمان.. وتستاهل الضرب مش المصمصة!
ولذلك فإن السؤال المنطقي هيكون..
"إيه هي معاييرك للحكم على حد بأنه متحرر.. أو متحرر شويتين.. أو متحرر زيادة عن اللزوم"
والسؤال اللي المفروض يسبقه
"هي أصلا كلمة التحرر بالنسبة لك.. تعني إيه
وبرضه كلمة ملتزم أو متحفظ.. معناها بيوصل لك ازاي؟"
وهل لازم المتحرر -سواء ولد أو بنت- يكون في رأيك.. منحرف أو فاتحها على البحري؟
وهل لازم الملتزم أو المتحفظ يكون في رأيك برضه.. قفل ورجعي وظلامي ومتحجر؟!
وهل تعتقد أن أي مجتمع ممكن يضع لنفسه قواعد ثابتة يحدد بها التحرر من الالتزام
ولاّ ده أساسا ماينفعش على اعتبار إن حتى داخل المجتمع الواحد فيه أفكار وثقافات وعادات مختلفة؟؟
يعني مثلا اللي يمشي في الوجه البحري مايمشيش في الصعيد.. وبالعكس؟