اولا: تأسيس النادي
ليست الكرة وبطولاتها ولا الانتصارات أو الأهداف والنجوم أجمل ما في الزمالك إنما الأجمل هو تاريخه حكايته ومشواره طوال تسعين سنة حروبه من أجل الكرة المصرية ومن أجل حق المصريين في ممارستها دون خوف وحقهم في إدارتها بأنفسهم بعيدا عن كل الغرباء والخواجات والأجانب وقد كان تمصير الكرة المصرية هو أغلي وأجمل وأهم بطولة حققها الزمالك
لهذا .. لا يزال هذا النادي الكبير يستحق منا ما هو أهم وأكثر من مجرد رصد لبطولات أو اسماء وأهداف .. لا يزال الزمالك يستحق رد اعتباره بعد سنوات طويلة مضت تخيل اثناءها الجميع جيلا وراء جيل أن الزمالك إن لم يكن في الأصل ناديا للخواجات فهو علي الأقل لم يقم بأي دور وطني مثل النادي الأهلي كذبة تحولت مع الوقت إلي واقع وبدت كأنها حقيقة ..
وإن كنا علي استعداد أن نفهم أن تصحيح هذه الكذبة ورد الاعتبار التاريخي والوطني لنادي الزمالك لم يشغل أيا من المهتمين بالتأريخ للكرة المصرية ومشوارها وحكاياتها .. فإن ما يصعب فهمه أو قبوله هو هذا الصمت الغريب والطويل الذي التزم به عشاق الزمالك وأنصاره وعشاقه من كتاب ومفكرين ومؤرخين .. كأنهم جميعا خافوا أن يفتحوا هذا الموضوع فاكتفوا بالزمالك كفريق للكرة وبقية اللعبات الأخري .. وقرروا تجاهل ناديهم كمؤسسة لها دورها وتاريخها ومكانتها فوق أرض هذا الوطن .. أو كأن كثيرين منهم وجدوا أن تصحيح حقيقة وتاريخ الزمالك أمر فوق طاقتهم وجهدهم واحتمالهم ..
وقد آن أوان تصحيح ذلك كله آن أوان أن نرد للزمالك اعتباره وحقه الضائع .. آن أوان أن نعرف وأن نثق بأن هناك ما ينبغي أن يقال عن الزمالك أهم من من حكاية المدرسة واللعب والفن والهندسة .. ومن النادي قاهر الفرق الأجنبية .. بل وأهم حتي من تاريخ التأسيس وحكاياته الأولي ..
فحتي الآن .. كثيرون لا يعرفون الدور التاريخي الذي لعبه الزمالك لتمصير الكرة والرياضة المصرية
فريق نادي المختلط عام 1914 .. بدأ هذا الدور سنة 1914 كانت الحرب العالمية الأولي لا تزال في بداياتها .. الكرة المصرية ـ والرياضة المصرية كلها ـ كانت لا تزال في سنواتها الأولي .. يسيطر عليها ويديرها اتحاد مختلط يحكمه خواجات وغرباء لا يسمحون بوجود أي مصري بينهم .. والزمالك في ذلك الوقت لم يكن سوي ناد صغير تأسس منذ ثلاث سنوات فقط وليس فيه أو ينتمي اليه إلا عدد قليل جدا من المصريين
في ذلك الوقت كان هناك لاعب مصري عظيم اسمه حسين حجازي قد أسس فرقة كروية خاصة به وبدأت هذه الفرقة تلاعب القوات البريطانية ولم يعد ممكنا أن يستمر لاعبو فريق مصر ـ أو فريق حجازي ـ دون أن يكون لهم ناد خاص بهم يجمعهم ويمنحهم كيانا وصفة رسمية .. فكان نادي الزمالك ـ أو المختلط وقتها ـ هو الذي فتح أبوابه أمام هؤلاء المصريين المتحمسين ..
وبالفعل انتقل هؤلاء الشباب للزمالك وكانت خطوة شجعت اقبال كثير من المصريين للانضمام لهذا النادي الجديد والانتماء اليه وتشجيعه .. وكان التحاق هؤلاء اللاعبين بالزمالك خطوة مهمة وضرورية جدا علي طريق تمصير الرياضة المصرية .. وسرعان ما اكتسب الزمالك انصارا له ولتمصير الكرة المصرية قدموا من كل مكان .. منهم الضابط حسن فهمي إسماعيل وموظف التلغرافات عبده الجبلاوي والفلاح محمود محمد بسيوني وموظف التنظيم نيقولا عرقجي وموظف وزارة الأشغال إبراهيم عثمان نجل المطرب الشهير وقتها محمد عثمان ومحمود مرعي وأمين جبريل وعائلة سوكي وعائلة إسماعيل باشا حافظ وكثيرون غيرهم
هؤلاء كانوا بداية الزمالك وفي سنة 1916 .. بدأت فكرة الكأس السلطانية كمسابقة للأندية المصرية وأندية أسلحة قوات الحلفاء .. ورفض الأهلي الفكرة لأنه لا يود اللعب مع أندية الحلفاء ليبقي الزمالك وحده .. وفي العام الثاني للمسابقة كان الأهلي قد اقتنع بضرورة المشاركة كخطوة جديدة للمقاومة والتحدي واثبات وجود للمصريين.. ثم بدأ الناديان ـ الأهلي والزمالك ـ لا يتفقان فقط علي مقاومة الأجانب ..
وإنما اتفقا علي التنافس بينهما أيضا .. فتم الاتفاق علي اقامة مباراتين .. الأولي علي أرض الزمالك يوم 9 فبراير عام 1917 وفاز فيها الأهلي علي الزمالك 1/صفر .. والثانية علي أرض الأهلي يوم 2 مارس 1917 وفاز فيها الزمالك 1/صفر
في نفس تلك السنة .. 1917 .. بدأ المصريون معركتهم الفاصلة لتحرير نادي الزمالك من سيطرة الأجانب .. اجتمع المصريون وقرروا أن الزمالك أصبح في حاجة لمراجعة أحواله وأوضاعه استنادا إلي اثنتي عشرة نقطة منها أن أرض النادي ملك للحكومة المصرية وأن مدة الإيجار انتهت ولم يجددها أحد وأن مجلس إدارة النادي لم يجتمع منذ مدة طويلة والجمعية العمومية للنادي أيضا لم تجتمع منذ سنتين .. وأن أعضاء مجلس الإدارة كلهم من الأجانب .. ولا توجد سجلات للنادي إلا في مكتب السكرتير العام البلجيكي مسيو شودواه مدير شركة بولاك .. وأن النادي ليس له حسابات ولا أرصدة في البنوك .. وليس هناك أي سجل للأعضاء .. والنادي ليس فيه إلا ملعب للكرة وملاعب للتنس وغرفة صغيرة للملابس وعفشة مياه .. وأسوار النادي قديمة ومحاطة بلوحات اعلانية تملكها شركة اعلانات .. وليس هناك قانون مطبوع للنادي بهذه النقاط ..
بدأت المعركة لم تكن معركة تمصير الزمالك ولكنها كانت الرهان علي تمصير الكرة في مصر كلها
وبدأت المعركة بعقد جمعية عمومية للنادي بشارع الشواربي وصدر عن الجمعية قرار بسحب الثقة من مجلس إدارة النادي المكون من الخواجات وانتخاب مجلس إدارة جديد من المصريين .. الدكتور محمد بدر رئيسا ومصطفي حسن وكيلا وإبراهيم علام أمينا للصندوق .. أما الأعضاء فكانوا نيقولا عرقجي ومحمود بسيوني وحسين فوزي والكابتن حسن وعبده الجبلاوي
وعقد مجلس الإدارة الجديد أول اجتماعاته وقرروا مواصلة المعركةجددوا عقد النادي باسم الرئيس الجديد .. أبلغوا النيابة باختفاء سجلات النادي فاستعادت النيابة هذه السجلات من مكتب مسيو شودواه وتم تحريزها .. وتم اعداد بطاقات جديدة للعضوية
وأثناء ذلك كله وكل هذه الاجراءات والخطوات تمت والنادي نفسه في حراسة عشرين رجلا من أبناء بولاق الأشداء قرروا وتطوعوا لحماية ناد مصري والحفاظ عليه وعلي مصريته
وتدخلت وزارة الداخلية ومستشارها الإنجليزي .. تدخلت أكثر من سفارة أجنبية في القاهرة .. ولكن لم يتراجع المصريون ولا استسلم أبناء الزمالك .. ونجحت أولي معارك تمصير الكرة والرياضة المصرية وبفضل الزمالك .. لم يعد هناك مكان للأجانب أو الخواجات
هذه الحكاية .. وألف حكاية أخري .. لم يلتفت اليها أحد .. لم يهتم بها ولم يتوقف عندها أحد .. ولو توقفوا واهتموا وعرفرا لأدركوا أن أي حديث عن الزمالك وتاريخ الزمالك والتسعين سنة زمالك إنما هو في حقيقته جزء مهم من تاريخ مصر .. وفصل ضروري من تاريخ الكرة والرياضة المصرية .. فتاريخ الزمالك ليس إلا حدوتة مصرية .. فيها رائحة مصر .. تاريخها وتناقضاتها ورائحتها وأحزانها ومعاناتها وأحلامها وأفراحها .. فالزمالك هو النادي الذي امتزجت فيه كرة القدم بالسياسة والتجارة والجيش والحب والثورة والزحام والفقراء والأغنياء
ليست الكرة وبطولاتها ولا الانتصارات أو الأهداف والنجوم أجمل ما في الزمالك إنما الأجمل هو تاريخه حكايته ومشواره طوال تسعين سنة حروبه من أجل الكرة المصرية ومن أجل حق المصريين في ممارستها دون خوف وحقهم في إدارتها بأنفسهم بعيدا عن كل الغرباء والخواجات والأجانب وقد كان تمصير الكرة المصرية هو أغلي وأجمل وأهم بطولة حققها الزمالك
لهذا .. لا يزال هذا النادي الكبير يستحق منا ما هو أهم وأكثر من مجرد رصد لبطولات أو اسماء وأهداف .. لا يزال الزمالك يستحق رد اعتباره بعد سنوات طويلة مضت تخيل اثناءها الجميع جيلا وراء جيل أن الزمالك إن لم يكن في الأصل ناديا للخواجات فهو علي الأقل لم يقم بأي دور وطني مثل النادي الأهلي كذبة تحولت مع الوقت إلي واقع وبدت كأنها حقيقة ..
وإن كنا علي استعداد أن نفهم أن تصحيح هذه الكذبة ورد الاعتبار التاريخي والوطني لنادي الزمالك لم يشغل أيا من المهتمين بالتأريخ للكرة المصرية ومشوارها وحكاياتها .. فإن ما يصعب فهمه أو قبوله هو هذا الصمت الغريب والطويل الذي التزم به عشاق الزمالك وأنصاره وعشاقه من كتاب ومفكرين ومؤرخين .. كأنهم جميعا خافوا أن يفتحوا هذا الموضوع فاكتفوا بالزمالك كفريق للكرة وبقية اللعبات الأخري .. وقرروا تجاهل ناديهم كمؤسسة لها دورها وتاريخها ومكانتها فوق أرض هذا الوطن .. أو كأن كثيرين منهم وجدوا أن تصحيح حقيقة وتاريخ الزمالك أمر فوق طاقتهم وجهدهم واحتمالهم ..
وقد آن أوان تصحيح ذلك كله آن أوان أن نرد للزمالك اعتباره وحقه الضائع .. آن أوان أن نعرف وأن نثق بأن هناك ما ينبغي أن يقال عن الزمالك أهم من من حكاية المدرسة واللعب والفن والهندسة .. ومن النادي قاهر الفرق الأجنبية .. بل وأهم حتي من تاريخ التأسيس وحكاياته الأولي ..
فحتي الآن .. كثيرون لا يعرفون الدور التاريخي الذي لعبه الزمالك لتمصير الكرة والرياضة المصرية
فريق نادي المختلط عام 1914 .. بدأ هذا الدور سنة 1914 كانت الحرب العالمية الأولي لا تزال في بداياتها .. الكرة المصرية ـ والرياضة المصرية كلها ـ كانت لا تزال في سنواتها الأولي .. يسيطر عليها ويديرها اتحاد مختلط يحكمه خواجات وغرباء لا يسمحون بوجود أي مصري بينهم .. والزمالك في ذلك الوقت لم يكن سوي ناد صغير تأسس منذ ثلاث سنوات فقط وليس فيه أو ينتمي اليه إلا عدد قليل جدا من المصريين
في ذلك الوقت كان هناك لاعب مصري عظيم اسمه حسين حجازي قد أسس فرقة كروية خاصة به وبدأت هذه الفرقة تلاعب القوات البريطانية ولم يعد ممكنا أن يستمر لاعبو فريق مصر ـ أو فريق حجازي ـ دون أن يكون لهم ناد خاص بهم يجمعهم ويمنحهم كيانا وصفة رسمية .. فكان نادي الزمالك ـ أو المختلط وقتها ـ هو الذي فتح أبوابه أمام هؤلاء المصريين المتحمسين ..
وبالفعل انتقل هؤلاء الشباب للزمالك وكانت خطوة شجعت اقبال كثير من المصريين للانضمام لهذا النادي الجديد والانتماء اليه وتشجيعه .. وكان التحاق هؤلاء اللاعبين بالزمالك خطوة مهمة وضرورية جدا علي طريق تمصير الرياضة المصرية .. وسرعان ما اكتسب الزمالك انصارا له ولتمصير الكرة المصرية قدموا من كل مكان .. منهم الضابط حسن فهمي إسماعيل وموظف التلغرافات عبده الجبلاوي والفلاح محمود محمد بسيوني وموظف التنظيم نيقولا عرقجي وموظف وزارة الأشغال إبراهيم عثمان نجل المطرب الشهير وقتها محمد عثمان ومحمود مرعي وأمين جبريل وعائلة سوكي وعائلة إسماعيل باشا حافظ وكثيرون غيرهم
هؤلاء كانوا بداية الزمالك وفي سنة 1916 .. بدأت فكرة الكأس السلطانية كمسابقة للأندية المصرية وأندية أسلحة قوات الحلفاء .. ورفض الأهلي الفكرة لأنه لا يود اللعب مع أندية الحلفاء ليبقي الزمالك وحده .. وفي العام الثاني للمسابقة كان الأهلي قد اقتنع بضرورة المشاركة كخطوة جديدة للمقاومة والتحدي واثبات وجود للمصريين.. ثم بدأ الناديان ـ الأهلي والزمالك ـ لا يتفقان فقط علي مقاومة الأجانب ..
وإنما اتفقا علي التنافس بينهما أيضا .. فتم الاتفاق علي اقامة مباراتين .. الأولي علي أرض الزمالك يوم 9 فبراير عام 1917 وفاز فيها الأهلي علي الزمالك 1/صفر .. والثانية علي أرض الأهلي يوم 2 مارس 1917 وفاز فيها الزمالك 1/صفر
في نفس تلك السنة .. 1917 .. بدأ المصريون معركتهم الفاصلة لتحرير نادي الزمالك من سيطرة الأجانب .. اجتمع المصريون وقرروا أن الزمالك أصبح في حاجة لمراجعة أحواله وأوضاعه استنادا إلي اثنتي عشرة نقطة منها أن أرض النادي ملك للحكومة المصرية وأن مدة الإيجار انتهت ولم يجددها أحد وأن مجلس إدارة النادي لم يجتمع منذ مدة طويلة والجمعية العمومية للنادي أيضا لم تجتمع منذ سنتين .. وأن أعضاء مجلس الإدارة كلهم من الأجانب .. ولا توجد سجلات للنادي إلا في مكتب السكرتير العام البلجيكي مسيو شودواه مدير شركة بولاك .. وأن النادي ليس له حسابات ولا أرصدة في البنوك .. وليس هناك أي سجل للأعضاء .. والنادي ليس فيه إلا ملعب للكرة وملاعب للتنس وغرفة صغيرة للملابس وعفشة مياه .. وأسوار النادي قديمة ومحاطة بلوحات اعلانية تملكها شركة اعلانات .. وليس هناك قانون مطبوع للنادي بهذه النقاط ..
بدأت المعركة لم تكن معركة تمصير الزمالك ولكنها كانت الرهان علي تمصير الكرة في مصر كلها
وبدأت المعركة بعقد جمعية عمومية للنادي بشارع الشواربي وصدر عن الجمعية قرار بسحب الثقة من مجلس إدارة النادي المكون من الخواجات وانتخاب مجلس إدارة جديد من المصريين .. الدكتور محمد بدر رئيسا ومصطفي حسن وكيلا وإبراهيم علام أمينا للصندوق .. أما الأعضاء فكانوا نيقولا عرقجي ومحمود بسيوني وحسين فوزي والكابتن حسن وعبده الجبلاوي
وعقد مجلس الإدارة الجديد أول اجتماعاته وقرروا مواصلة المعركةجددوا عقد النادي باسم الرئيس الجديد .. أبلغوا النيابة باختفاء سجلات النادي فاستعادت النيابة هذه السجلات من مكتب مسيو شودواه وتم تحريزها .. وتم اعداد بطاقات جديدة للعضوية
وأثناء ذلك كله وكل هذه الاجراءات والخطوات تمت والنادي نفسه في حراسة عشرين رجلا من أبناء بولاق الأشداء قرروا وتطوعوا لحماية ناد مصري والحفاظ عليه وعلي مصريته
وتدخلت وزارة الداخلية ومستشارها الإنجليزي .. تدخلت أكثر من سفارة أجنبية في القاهرة .. ولكن لم يتراجع المصريون ولا استسلم أبناء الزمالك .. ونجحت أولي معارك تمصير الكرة والرياضة المصرية وبفضل الزمالك .. لم يعد هناك مكان للأجانب أو الخواجات
هذه الحكاية .. وألف حكاية أخري .. لم يلتفت اليها أحد .. لم يهتم بها ولم يتوقف عندها أحد .. ولو توقفوا واهتموا وعرفرا لأدركوا أن أي حديث عن الزمالك وتاريخ الزمالك والتسعين سنة زمالك إنما هو في حقيقته جزء مهم من تاريخ مصر .. وفصل ضروري من تاريخ الكرة والرياضة المصرية .. فتاريخ الزمالك ليس إلا حدوتة مصرية .. فيها رائحة مصر .. تاريخها وتناقضاتها ورائحتها وأحزانها ومعاناتها وأحلامها وأفراحها .. فالزمالك هو النادي الذي امتزجت فيه كرة القدم بالسياسة والتجارة والجيش والحب والثورة والزحام والفقراء والأغنياء